الخميس، مارس 04، 2010

ذات مساء




في كل مساء و حينما تحين تلك الساعة أتوقف عن كل نشاط أقوم به. أنهض من مكاني، أدور حولي قليلا، أقف قليلا، و انظر للأعلى.من يراني قد يظن أني أبحث عن شيء، و لكني في الحقيقة لم أبدأ البحث بعد. تلك الساعة اليومية استغلها دوما في البحث عن شيء ما. ليس شيئا محددا بذاته و لكني أفتش في تلك الصناديق الكثيرة التي تملأ المكان من حولي. منذ أن انتقلت من منزل أسرتي لأعيش هنا وحدي و أنا لم أحاول أن أفرغ هذه الصناديق.
عندما انتقلت إلى هنا كان يوجد عشرون صندوقا، و الآن يتبقى فقط خمسة، في كل يوم في تلك الساعة أفرغ صندوقا، لي على هذه الحال سنتان.
أمسكت الصندوق الذي أمامي و نزعت الشريط اللاصق من فوقه فانفتح، كان يوجد به بعض أوراق الجرائد القديمة تغلف شيئا ما. أمسكت الشيء و نزعت عنه الأوراق و نظرت إليه عن كثب، كان منفضة سجائر كريستالية.
أنا لا أتذكر أن أحدا في منزلنا كان يدخن، و أنا شخصيا لا أفعل، و لكن مع ذلك تجد واحدة في كل منزل، منفضة سجائر خالية في انتظار أحد ليدخن، أنا ليس لدي أحدا ليزورني و لا يوجد فيمن أعرفهم من يدخن. و لكني أمسكت المنفضة بعناية ، أعدت لها لمعانها بطرف ثوبي، و وضعتها على الطاولة في مكان مميز كضيف شرف.
ترى لو كانت تتحدث ماذا كانت لتقول، كل الأشياء في يومنا هذا تتحدث، الهاتف و التلفاز و الراديو، بل أن الخضروات تتحدث في برامج الأطفال. لا أعلم لما يعلمون الأطفال هذه التفاهات. أحمد الله أن ليس لدي أطفال و إلا جاءني أحدهم صارخا يقول لي: اللعبة ترفض الحديث معي يا أبي. سأكون حينها في موقف حرج، كيف أجعل الدمية تتحدث، أنا لست ساحرا و لا أملك قوى خارقة لأفعل هذا.
و حتى لو امتلكت قوى خارقة، فأريد قوة أفضل من جعل الأشياء تتحدث، ماذا سأستفيد من سماع دمية تشتكي سوء معاملة الصغار لها، أو حبة طماطم تبكي و لا تريد أن تصبح عصيرا. الأمر يثير فيّ الضحك أكثر من اللازم.
أريد قوة غريبة أن أجعل السماء تمطر ذهبا أو أن أخضع الناس من حولي لرغباتي، أو أن اجعل الأشياء تتحرك من حولي دون أن ألمسها. و ربما حينها سأتمكن من إنهاء إفراغ هذه الصناديق.
انظر في الساعة لأجد الوقت قد نفذ و حان موعد نومي المقدس، فلا استطيع التأخر عن عملي في الصباح، أغلقت الصندوق مرة أخرى و لكن من دون الشريط اللاصق، وضعت الشريط اللاصق و الأوراق في سلة القمامة. أطمأننت على وضع منفضة السجائر، ألقيت على الجميع نظرة أخيرة و ذهبت إلى غرفة نومي و أغلقت الباب.
النهاية

ليست جديدة بالمرة بل ربما هي أقدم من آخر بوستين تم نشرهم و لكني لم أرضى عنها حتى الآن و نشرتها فقط لأني لا استطيع الكتابة هذه الأيام و ربما لا اكتب ثانيا من يدري فقط أردت الإفراج عنها و نشرها مع أخواتها
أتمنى فقط أن تعجبكم و أن تنقدوا فيها ما شئتم :)

;;

Template by:
Free Blog Templates